مؤتمر كنائس الأرثوذكسية الشرقية في مصر: تعزيز الوحدة والتعاون بين الكنائس

عُقد مؤتمر محلي للأروذكسية الشرقية والكنائس القديمة في مصر، في 16-17 سبتمبر 2024، بمركز “لوجوس” التابع للكنيسة القبطية في دير القديس بايسيوس الكبير بمنطقة النطرون. وقد دُعي لهذا الحدث من قبل قداسة البابا تواضروس الثاني، ويهدف إلى تعزيز الوحدة بين الكنائس الأرثوذكسية والمحافظة على نتائج الحوار اللاهوتي الرسمي الذي جرى بين عامي 1989 و1993.

المشاركون في المؤتمر

شارك في هذا الاجتماع وفود من عدة كنائس أرثوذكسية، بما في ذلك الكنيسة القبطية، وكنيسة القسطنطينية، وكنيسة الإسكندرية، وكنيسة أنطاكية، وكنيسة القدس، وكنيسة روسيا، وكنيسة رومانيا، وكنيسة بلغاريا، وكنيسة قبرص، وكنيسة اليونان، وكنيسة بولندا، وكنيسة ألبانيا، إضافة إلى كنيسة الأرثوذكسية الأمريكية. ومن الجانب القديم، شاركت وفود من الكنيسة القبطية، والكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والكنيسة الأرمنية الرسولية، وكنيسة إريتريا.

مثل بطريركية موسكو الأسقف كيريل، نائب رئيس دير سيدة الثالوث، وأيضاً الأب ستيفان (إيغومونوف)، السكرتير المسؤول عن العلاقات بين الكنائس.

أهمية المكان والرسائل الافتتاحية

في بداية المؤتمر، رحب قداسة البابا تواضروس الثاني بالحضور، مشددًا على أهمية الحب الإلهي في بناء العلاقات وتعزيز الفهم المتبادل بين الكنائس للمساهمة في التغلب على التحديات الاجتماعية الحالية. ورغبةً منه في تحقيق وحدة صوت الأرثوذكسية، دعا إلى ضرورة التركيز على القضايا العالمية التي تشغل بال الكنائس اليوم.

كما تم نقل تحيات قداسة البطريرك بارثولماوس الأول، مما يبرز التعاون المستمر بين الكنائس الأرثوذكسية.

طاولة الحوار

عُقدت الجلسات في أجواء من الحوار البناء، حيث قدم الأسقف كيريل تحيات البطريرك كيريل، مشيدًا بتنظيم المؤتمر في مكان يمثل تاريخًا عريقًا للحياة الرهبانية المسيحية.

وفي حديثه، سلط الضوء على دور النطرون في تأسيس الحياة الرهبانية، مع ذكر الأحداث التاريخية الهامة التي ساهمت في تعزيز الحوار اللاهوتي بين الكنائس الأرثوذكسية والكنائس القديمة، مثل البيان المشترك الصادر في عام 1989.

استعراض الأعمال السابقة

أفاد كل من المطران إيمانويل (من بطريركية القسطنطينية) والمطران توما (من الكنيسة القبطية) بأن الحوار لم يتوقف رغم عدم انعقاد اللجنة منذ عام 1993. وتم التطرق إلى أعمال لجنتين فرعيتين تركزتا على المواضيع الطقسية والرعائية، حيث وجدت عدم وجود تناقضات بينها وبين التعليم الأرثوذكسي.

تحدث الحضور أيضًا عن دور المطران بيشوي، الذي كان له تأثير كبير في تطوير الحوار اللاهوتي، مؤكدين على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتعزيز تطبيق الاتفاقيات المبرمة سابقًا.

نتائج النقاشات

جاءت النتائج بعد نقاشات مثمرة، حيث تم إصدار بيان مشترك أكد على:

  • استمرار عمل اللجان الفرعية.
  • زيارة رؤساء الكنائس لتقديم نتائج الحوار وتلقي ملاحظاتهم.
  • إنشاء موقع إلكتروني يجمع الوثائق الخاصة بالحوار.
  • إشراك جميع مستويات رجال الدين والعلمانيين في الحوار.

تناولت المناقشات أيضًا التحديات الأخلاقية التي تواجه المجتمع اليوم، مثل مفهوم الزواج والأسرة، مع تأكيد الكنائس على أهمية الحفاظ على التعاليم المسيحية التقليدية ونبذ العلاقات غير التقليدية.

موقف الكنائس تجاه الأسرة

أكد المشاركون على ضرورة التمسك بالتعاليم المسيحية حول الزواج كأساس لبناء الأسر، معتبرين الأسرة “كنيسة صغيرة”. كما أدانوا الشذوذ الجنسي باعتباره تهديدًا للإنسانية.

العودة إلى تقويم موحد للعيد

أعلن المؤتمر عن رغبتهم في إعادة جميع الكنائس المسيحية للاحتفال بعيد الفصح في نفس اليوم، تزامنًا مع الذكرى الـ1700 لأول مجمع مسكوني في نيقية. 

اللقاء الختامي مع البابا تواضروس

في ختام المؤتمر، التقى البابا تواضروس مرة أخرى بالمشاركين للاستماع إلى تقرير عن الأعمال التي أُنجزت، والتي ستُعرض أيضًا على قادة جميع الكنائس المعنية.

تعزيز الاستمرار في العمل المشترك

كان اللقاء الختامي مع البابا تواضروس الثاني فرصة للتأكيد على أهمية التعاون المتواصل بين الكنائس الأرثوذكسية القديمة. حيث تم وضع خطة عمل شاملة تهدف إلى تكثيف الجهود الرامية لتحقيق الأهداف المشتركة التي تم تبنيها خلال المؤتمر، مع التأكيد على انفتاح التواصل مع الجماعات المسيحية الأخرى.

كما تطرق الحضور خلال النقاشات إلى أهمية توفير الدعم الروحي والعملي للقضايا الاجتماعية الأساسية، مثل الفقر، التعليم والصحة، مشددين على ضرورة أن تكون الكنيسة دائمًا في طليعة المعالجة لهذه القضايا.

رسالة أخيرة

قبل نهاية المؤتمر، تم إصدار دعوة عامة لرؤساء الكنائس لتبني رؤى مستقبلية واضحة تعزز من رؤية الوحدة والتعاون بين الأرثوذكسية الشرقية، مستندين إلى تعاليم الكتاب المقدس ومبادئ الإيمان التي تجمعهم. الرسالة كانت إيجابية ودعوة للعمل نحو عالم يتسم بالمحبة والوحدة.

ختام المؤتمر

في إشارة قوية إلى التزامهم بالمضي قدماً، تم الاتفاق على عقد مؤتمر العودة في أماكن مختلفة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الكنائس. وقد أكدت الكلمات الأخيرة للبابا تواضروس الثاني أن الوحدة هي هدف نبيل لطالما سعت إليه الكنائس، وأكدت على موقف الفرح والاستعداد لمواجهة تحديات المستقبل معاً كعائلة أرثوذكسية واحدة.

إن مؤتمر كنائس الأرثوذكسية الشرقية في مصر يمثل خطوة هامة نحو تحقيق الوحدة والتعاون بين الكنائس، وتعزيز الحوار اللاهوتي، وهو ما سيعزز مكانتهم في مواجهة التحديات العالمية الحالية. إن وحدة الصوت والعمل تأتي من الإيمان والشهادة المشتركة، ولعل هذا المؤتمر يكون بداية جديدة لمزيد من الإنجازات والنجاحات.

بحث

المشاركات الشائعة

  • اكتشاف مقبرة طبيب فرعوني من عصر الدولة القديمة
    اكتشاف مقبرة طبيب فرعوني من عصر الدولة القديمة

    في يناير 2025، أعلنت البعثة الأثرية الفرنسية-السويسرية المشتركة عن اكتشاف مقبرة أثرية مميزة في منطقة سقارة، جنوب القاهرة. تعود هذه المقبرة إلى الطبيب الملكي “تيتي نب فو”، الذي خدم في بلاط الملك بيبي الثاني خلال عهد الأسرة السادسة، أي قبل أكثر من 4000 عام. يُعد هذا الاكتشاف إضافة مهمة لفهمنا لتاريخ الطب والممارسات الدينية في…

  • الأمم المتحدة تعلن حق الإنسان في بيئة صحية
    الأمم المتحدة تعلن حق الإنسان في بيئة صحية

    في خطوة تاريخية، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يعلن أن لكل إنسان على وجه الأرض الحق في بيئة صحية، تشمل الهواء النظيف والمياه النظيفة والمناخ المستقر. يأتي هذا القرار كخطوة مهمة لمواجهة التدهور البيئي الذي يعاني منه كوكب الأرض. القرار والتأثير المحتمل صوتت الجمعية العامة يوم الخميس الماضي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، مشددة…

  • دور مؤتمر قادة الأديان في تعزيز الأمن العالمي: حوار دولي في القاهرة
    دور مؤتمر قادة الأديان في تعزيز الأمن العالمي: حوار دولي في القاهرة

    عُقد في القاهرة، مصر، يوم 19 فبراير 2024، مؤتمر دولي تحت عنوان “دور وأهمية مؤتمر قادة الأديان العالمية والتقليدية في تعزيز الأمن العالمي”. جاء هذا الحدث كجزء من تنفيذ مذكرة التعاون والاجتماع الأول للجنة الثنائية الدائمة، من قبل مركز نزارباييف لتنمية الحوار بين الأديان والحضارات بالتعاون مع أكاديمية الأزهر للدراسات الإسلامية. أهداف المؤتمر هدف المؤتمر…