شهد شهر يناير/كانون الثاني الماضي درجات حرارة قياسية، حيث سجل المتوسط العالمي ارتفاعًا بلغ 1.75 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. هذه الأرقام المثيرة للقلق جاءت وسط استمرار تأثير نمط الطقس المعروف بـ”نينيا”، الذي عادة ما يسهم في خفض درجات الحرارة.
تسجيل درجات حرارة غير مسبوقة
أعلنت هيئة كوبرنيكوس لتغير المناخ أن يناير 2025 هو الأكثر دفئًا في تاريخ سجلات درجات الحرارة. حيث أظهر برنامج مراقبة الأرض المدعوم من قبل الاتحاد الأوروبي أن هناك ظروفًا رطبة في شرق أستراليا، بينما تسجل أجزاء أخرى من البلاد جفافًا غير عادي. وأكدت سامانثا بورجيس، المسؤولة الاستراتيجية للمناخ في المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى: “شهر يناير 2025 كان مفاجئًا، ولا يزال يسجل درجات حرارة قياسية بعد عامين من الارتفاع”.
استمرار الاتجاهات المناخية المتطرفة
لتسليط الضوء على الوضع الحالي، كان يناير هو الشهر الثامن عشر من بين الأشهر التسعة عشر الماضية الذي سجل متوسط درجات حرارة سطحية عالمية تتجاوز 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الذي تم تحديده بموجب اتفاق باريس للمناخ. وفقًا لزعماء العالم، فإن الهدف هو عدم تجاوز هذا الحد؛ لكن البيانات تشير إلى تحديات كبيرة لتحقيق هذا الهدف.
نينيا وتأثيراتها
بينما كان العلماء يتوقعون تأثير ظاهرة “نينيا” على تخفيض درجات الحرارة، إلا أن الواقع كان مختلفًا. فقد استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، مما أثار تساؤلات حول العوامل الأخرى التي تساهم في هذا الارتفاع الغير متوقع. قال جوليان نيكولاس، عالم المناخ في كوبرنيكوس،: “الشيء المفاجئ هو عدم رؤية التأثير المبرد الذي كنا نتوقعه”.
كما أفادت كوبرنيكوس بأن درجات الحرارة السائدة في المحيط الهادئ تشير إلى ضعف تأثير نينيا، وقد تختفي هذه الظاهرة بحلول مارس/آذار. وفي الوقت نفسه، تجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية في عامي 2023 و2024، 1.5 درجة مئوية لأول مرة، مما يمثل علامة واضحة على اختبار الحدود المناخية.
الجليد البحري وبقية المعطيات
تستمر التغيرات المناخية في تشكيل تهديدات جديدة، حيث سجل الجليد البحري في القطب الشمالي أدنى مستوى له في يناير، مما يعكس تدهور البيئة القطبية. البيانات أوضحت أن عام 2025 قد يكون ثالث أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، وفقًا لتوقعات كوبرنيكوس.
كما أن المحيطات تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم المناخ، إذ تخزن نسبة 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن انبعاثات الكربون. ويشير نيكولاس إلى أن الحرارة ستظهر مجددًا بشكل دوري، مما يجعله سؤالًا مثيرًا للجدل: هل كانت هذه المستويات المرتفعة نتيجة لفترات سابقة من الاحترار؟
تأثير الوقود الأحفوري
يتفق العلماء على أن ارتفاع درجات الحرارة على المدى الطويل يعود إلى حرق الوقود الأحفوري. ومع ذلك، فإن التقلبات الطبيعية للمناخ تلعب أيضًا دورًا في التأثير على درجات الحرارة من عام لآخر. يُعتقد أن انخفاض مستوى السحب المنخفضة سمح بدخول مزيد من الحرارة إلى سطح الأرض، وهو موضوع لا يزال قيد النقاش.
أدوات قياس دقيقة
يدعم جهاز مراقبة المناخ التابع للاتحاد الأوروبي حساباته باستخدام مليارات القياسات من الأقمار الصناعية والسفن والطائرات ومحطات الأرصاد الجوية، مما يعطي صورة شاملة عن حالة المناخ. تبدأ سجلاته من عام 1940، ولكن الدراسات الأخرى مثل عينات الجليد وحلقات الأشجار تعزز فهم العلماء للمناخ عبر فترات زمنية أطول، مما يوحي أن الفترة الحالية قد تكون الأكثر حرارة على كوكب الأرض منذ 125,000 عام.