في خطوة تاريخية، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يعلن أن لكل إنسان على وجه الأرض الحق في بيئة صحية، تشمل الهواء النظيف والمياه النظيفة والمناخ المستقر. يأتي هذا القرار كخطوة مهمة لمواجهة التدهور البيئي الذي يعاني منه كوكب الأرض.
القرار والتأثير المحتمل
صوتت الجمعية العامة يوم الخميس الماضي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، مشددة على أن تغير المناخ وتدهور البيئة يعتبران من أكبر التهديدات التي تواجه مستقبل البشرية. وبالرغم من أن هذه الرسالة لا تحمل قوة قانونية ملزمة للدول الأعضاء، إلا أنها قد تفتح المجال للمواطنين في العديد من البلدان للطعن في السياسات البيئية الضارة وفقًا للقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان.
وتمثل هذه الخطوة أهمية خاصة في ظل الإحصائيات الصادمة حول تلوث الهواء، والذي يُعتبر سببًا رئيسيًا لوفاة 7 ملايين شخص كل عام. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً لا يتوافق مع المعايير الصحية الموصى بها، مما يضر بشكل غير متناسب بالفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال وكبار السن.
المخاطر الصحية والبيئية
تلوث الهواء له تأثيرات مدمرة على الصحة العامة، إذ يؤدي إلى انخفاض سعة الرئتين لدى الأطفال الذين يعيشون في مناطق ملوثة بشدة. كما أن الملوثات القصيرة العمر تلعب دورًا كبيرًا في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، حيث تساهم في 45% من الاحتباس الحراري الحالي، مما يزيد من خطر الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والحرائق والعواصف.
تستمر آثار التغير المناخي وتلوث الهواء في تهديد الأمن الغذائي، مما يجعل جهود إنهاء الجوع وسوء التغذية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. وقد تساعد هذه القرارات في تسريع الإجراءات للحد من انبعاثات الملوثات القصيرة العمر، التي تعتبر أسرع الطرق للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية.
دعم عالمي لتحقيق الحقوق البيئية
قالت مارтина أوتو، رئيسة سكرتارية التحالف العالمي للهواء النظيف، “لقد جعلنا الهواء، الذي يدعم حياتنا، مصدر تهديد لصحتنا”. وأشارت إلى أن الاعتراف بحق الناس في الحصول على هواء نقي يعد خطوة مهمة نحو حماية كل من البشر وكوكب الأرض.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تعاني فيه الكوكب من أزمة ثلاثية تتمثل في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث والنفايات. وحذرت الأمم المتحدة من أن تجاهل هذه القضايا يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على مستوى العالم، وخاصة بالنسبة للفقراء والنساء والفتيات.
خطوات قانونية سابقة
تتبع هذه المبادرة سلسلة من التغييرات القانونية على المستوى الدولي والوطني. في أبريل الماضي، أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن الحصول على “بيئة نظيفة وصحية ومستدامة” هو حق من حقوق الإنسان. كما وعدت دول أمريكا اللاتينية والكاريبي بتوفير المزيد من الحماية لما يُعرف بـ “حماة البيئة”.
وفي العام الماضي، اعتمدت ولاية نيويورك تعديلات دستورية تضمن حق المواطنين في بيئة صحية. وتشهد السنوات الأخيرة زيادة في استخدام القانون من قبل نشطاء البيئة للضغط على الدول للتعامل مع القضايا البيئية الملحة.
الآفاق المستقبلية
في إطار ذلك، قال ديفيد بويّد، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة، إن هذه القرارات قد تبدو مجرد كلمات، لكنها تكون محفزات للعمل وتمكن الناس من المطالبة بمحاسبة حكوماتهم. ويأمل المدافعون عن البيئة أن تؤدي هذه القرارات إلى المزيد من الإجراءات القانونية والترتيبات الدستورية في مختلف البلدان.
واختتمت السيدة أندرسون بالقول إن هذه القرارات التاريخية تمثل آمالًا كبيرة في تعزيز العمل البيئي وتوفير الضمانات اللازمة لحياة صحية للناس في جميع أنحاء العالم.
تعزيز العمل البيئي
تسعى هذه القرارات إلى إلهام الدول والمجتمعات المحلية لتطبيق قوانين أقوى وأكثر فاعلية لحماية البيئة. يعتبر التعاون الدولي ضروريًا لتحقيق أهداف البيئة والصحة العامة، حيث يتطلب التحديات العالمية مثل تغير المناخ عملاً جماعياً بين الحكومات وفئات المجتمع والإعلام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الوعي العام حول حقوق الإنسان في بيئة صحية يعد جزءاً أساسياً من الجهود المبذولة لحماية كوكب الأرض. التعليم والتوعية حول كيفية تأثير تدهور البيئة على صحة الفرد والمجتمع يمكن أن يؤدي إلى تحركات شعبية تدفع الحكومات إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لدعم حقوق المواطنين.
إن مشاركة الشباب والمجتمعات المحلية في الأنشطة البيئية والكفاح من أجل حقوقهم تعد أيضًا عوامل مهمة تساهم في نجاح هذه الأهداف. من خلال التحفيز على المشاركة المجتمعية وتعزيز الصوت النسائي في قضايا البيئة، يمكن تحقيق تغييرات إيجابية تعزز من الاستدامة وتقود إلى مستقبل أكثر صحة للأجيال القادمة.
الخلاصة
بتأكيد الأمم المتحدة حق الإنسان في بيئة صحية، تفتح الأبواب أمام المزيد من المبادرات والجهود لتحسين الوضع البيئي والصحي على مستوى العالم. جميعنا مدعوون للانخراط في هذا الكفاح من خلال دعم السياسات الفعالة والمشاركة النشطة في الحفاظ على كوكبنا وضمان حقوق الإنسان الأساسية في العيش بكرامة وصحة.